الجار قبل الدار ام الجدار

كنت جالسا مع صديقي بالقرب من احدى الالواح الخشبيه التي تقبع على كورنيش بحر يسمى كورنيش الحديده

هذه الالواح الخشبيه لم توضع عبثا في هذا المكان بل كانت في يوما ما بمثابة كراسي استراحة للمتنزهين ولكن طغى عليها الزمن


وبينما كنا انا وصديقي نتجاذب اطراف الحديث وكما يقال نشكي همومنا للبحر كما اعتاد القدماء

اذ بي اطرح عليه فكرة تراودني منذ زمن

الا وهي: اقتناء دار خاص بي بعيدا عن مشاكل الحي الذي انا اقطن فيه من زمن بعيد جدا

لكنه قاطعني قائلا يا صديقي يجب ان تعرف شيئا واحد قبل اقدامك على هذه الخطوة

قلت وما الشئ الذي لا بد ان اعرفه

قال في اعتقادي بانك تعرف المثل القائل ( الجار قبل الدار )

قلت ومن لا يعرف هذا المثل

ولكن لا اؤمن به في وقتي الحالي

قال متهكما ولم ذاك

قلت يا صديقي يوم ان قيل المثل كانوا يمتلكون الارض الواسعه والتي بامكانهم ان يشيدوا عليها بنيانهم كما ارادوا بكل حرية وامان ويختارون الموقع والجار كما يريدون

اما الان فدعني اشقلب المثل قليلا وليكن ( الدار قبل الجار)

رد علي باستغراب قائلا !!! اتريد ان تكون سقراط زمانك

ماهذا المثل الارعن ياصديقي

اجبته بكل اطمئنان ... هدأ من روعك يا صديقي واعطيني دارا بدون جار
فانا من ساوجد الجار

حتى وان كان الدار في وسط الصحراء فلا آبه بموقعه
وساجعل القمر والنجوم جيراني وستقبع الشمس حارسة لداري

الم تعلم ماالذي يجري في زمانا هذا ام انك كنت خارج المدينة منذ زمن

قال كما تعلم فانا كنت خارج الوطن وخارج المدينة منذ زمن

قلت يا صديقي لقد نهبوا أراضينا واعتدوا على اطفالنا وشيوخنا ونسائنا وهدموا منازلنا فوق رؤس اولادنا

قال ومن هؤلاء ؟ هل اليهود غزوا ارضنا بدون ان اعلم قاتلهم الله

قلت هون عليك ياصديقي ليس اليهود من عملوا ذاك بل هم مسلمون وبشر من بني جلدتنا

قال أو فعلوا بمدينتنا هذا !
قلت نعم بل انهم فعلوا اكثر من ذلك

صادروا الممتلكات ونهبوا الاراضي وسيطروا على خيرات البلاد

اطرق راسه صديقي قليلا وكأنه يفكر بشئ ما

ثم لم يلبث ان رفع رأسه والدمعة حائرة في عينيه قائلا صدقت ياصديقي فلم يعد لنا دار ولا جار في هذه المدينه ولا حتى جدار
قلت نعم وكل هذا بفعل اصحاب القرار

قال بل لابد الان من وضع القرار
قلت وما هو القرار الذي تود وضعه
قال يا صديقي لن نغادر المدينة بعد اليوم ولن نترك فيها ظالم او غاشم
ثم اردف قائلا
والشعب لو كان حيا ما استخف به فرد ولا عاث فيه الظالم النهم


والله من وراء القصد

 

 

 

إبراهيم الشرقي
يونيو 2010